2019-11-08
يأتي هذا المقال مع انتهاء أعمال الأسبوع العربي للتنمية المستدامة الذي استضافته القاهرة تحت عنوان "شراكة متكاملة من أجل مستقبل مستدام" في اطار المحاولة لتوحيد كافة الجهود في الدول العربية نحو تحقيق خطط التنمية المستدامة في هذه الدول وتوفير اطار لحوار اقليمي رفيع المستوى لمناقشة وعرض سبل تنفيذ هذه الخطط ، مع ايجاد مناخ دولي واقليمي داعم من أجل التكامل بين شركاء التنمية والتحول لحياة أفضل . وترسم التجربة المصرية في التنمية المستدامة طريقا منيرا في هذا المجال .
يأتي هذا المقال مع انتهاء أعمال الأسبوع العربي للتنمية المستدامة الذي استضافته القاهرة تحت عنوان "شراكة متكاملة من أجل مستقبل مستدام" في اطار المحاولة لتوحيد كافة الجهود في الدول العربية نحو تحقيق خطط التنمية المستدامة في هذه الدول وتوفير اطار لحوار اقليمي رفيع المستوى لمناقشة وعرض سبل تنفيذ هذه الخطط ، مع ايجاد مناخ دولي واقليمي داعم من أجل التكامل بين شركاء التنمية والتحول لحياة أفضل . وترسم التجربة المصرية في التنمية المستدامة طريقا منيرا في هذا المجال .
وهذا تبرز خطواته على أرض الواقع من اليوم ، حيث تعمل الدولة المصرية علي تثبيت أركان الدولة وتحقيق استقرار يترسخ يوما بعد يوم ، وإعادة بناء مؤسساتها الوطنية، يصاحب ذلك السعي الي إحداث نهضة اقتصادية كبرى من خلال تنفيذ عملية إصلاح اقتصادي ، وعملية تنمية شاملة مخططة ومدروسة.
ومنذ عام 2014 بدأت خطوات التنفيذ من خلال مشروعات قومية كبري على رأسها توسيع المجري الملاحي لقناة السويس بإنشاء قناة جديدة موازية، وتعظيم الاستفادة من هذه القناة وتفريعاتها الحالية بهدف زيادة الدخل القومي المصري من العملة الصعبة و تقليل زمن العبور مما يساعد على الإسهام في زيادة الطلب على استخدام القناة كممر ملاحي عالمي ، ويرفع من درجة تصنيفها، ومن ثم مواكبة النمو المتوقع لحجم التجارة العالمية في المستقبل.
وتعتبر القناة الجديدة ، فضلا عن شبكة الطرق والمرافق والأنفاق المصاحبة ، خطوة هامة على الطريق لإنجاح مشروع محور التنمية بمنطقة قناة السويس ومن ثم تنمية شبه جزيرة سيناء ككل ، كما تمساهم مصر من خلال هذا المحور في " مبادرة الحزام والطريق " أو " طريق الحرير" ، وهي المبادرة التي أعلنها الرئيس الصيني عام 2013 لربط طرق التجارة الدولية برا وبحرا ، وتمر في 65 دولة . وتمثل مصر بموقعها الجغرافي محور رئيسي في هذه المبادرة بريا وبحريا. حيث تعد قناة السوس الممر الملاحي الرئيسي الذي يربط الشرق بالغرب ، ومحور طرق التجارة الدولية ، وذلك من أجل تحويل مصر إلى مركز تجارى ولوجيستي عالمي في المستقبل القريب.
ولمواكبة عملية التنمية ، اتجهت الدولة لإنشاء شبكة طرق جديدة و توسيع طرق قديمة من أجل خدمة المواطنين وتسهيل حركة المرور والتجارة ، وتحولت مصر بذلك ، وفي 6 سنوات، من أكثر الدول خطورة في الطرق، إلي وصولها للترتيب الـ 28 عالميًا في مجال جودة وأمان الطرق عام 2019 ، نتيجة المشاريع التنموية التي حدثت في مجال الطرق والكباري والأنفاق، والتي تتفق مع المعايير العالمية.
هذا فضلا عن مشروعات الطاقة الكبرى سواء في مجال البترول أو الغاز الطبيعي ، ومن خلال ما توافر لها من امكانيات، لتتحول مصر الى مركز اقليمي للطاقة في منطقة الشرق الأوسط . بالإضافة الى محطات تحلية المياه التي بلغ عددها 47 محطة بطاقة اجمالية أكثر من 250 الف متر مكعب يوميا، لمواجهة النقص المائي المتوقع خلال الفترة القادمة ، وصنفت إحداها، محطة تحلية المياه في العين السخنة ، على أنها أكبر محطة تحلية مياه في العالم، ستعمل على تنقية 164 ألف متر مكعب يوميا، لصالح المنطقة الاستثمارية والمنطقة الصناعية، بشمال غرب خليج السويس.
كما لم تغفل الدولة المصرية محور التنمية العمرانية وهو أحد محاور رؤية مصر 2030 ، وعملت على بناء مجموعة من المدن والتجمعات العمرانية الجديدة في كافة أنحاء الجمهورية لمواجهة الزيادة السكانية المطردة ، وللتوسع والتخفيف عن شريط الوادي والدلتا ، وما صاحب ذلك من نهضة اقتصادية صناعية وزراعية تمثلت في إنشاء عدد من المصانع في مجالات عديدة ، والمشروع القومي للزراعة الذي يستهدف زراعة مليون ونصف فدان .
كل هذه النجاحات الملموسة ،التي تعد نقلة نوعية وكمية ، في العديد من الاتجاهات في نفس الوقت من أجل خلق بيئة مناسبة آمنة للتطور ولعملية التنمية المستدامة التي تنفذ خطواتها الآن علي أرض مصر ومن أجل جذب استثمارات وطنية وأجنبية تسهم أيضا في عملية التنمية في حد ذاتها وترسم ملامح المستقبل.
وفي نفس السياق ، وعلى نحو متواز أرى أنه ينبغي توجيه مزيد من الاهتمام للبعد الانساني والاهتمام بالسكان والتعليم والصحة ، لأنه من خلال ذلك تستطيع الدولة مواجهة وحل الكثير من المشكلات الداخلية المتراكمة التي تقف عائقا ضد عملية التنمية والتطور ، وتكون مادة للتربص من قبل البعض يستغلونها في نشر الشائعات ، وتنفيذ أعمال العنف والإفساد لتعطيل مسيرة الحياة اليومية فى مصر وخلق أزمات وعقبات أمام الحكومة لعرقلة جهودها فى التنمية ومعالجة مشكلاتها.
وتتضافر كافة الجهود الحكومية وغير الحكومية نحو تنفيذ رؤية مصر 2030 بكافة محاورها : التنمية الاقتصادية، الطاقة، المعرفة والبحث العلمي ، الشفافية ،العدالة الاجتماعية ، الصحة ،والتعليم، الثقافة ، البيئة والتنمية العمرانية ،وفي سبيل ذلك، تحتاج الدولة المصرية الى كوادر وقيادات واعية تساعد على التنفيذ والتغلب على العقبات ومواجهة التحديات ، يتم تدريبها من أجل المرحلة الجديدة ، ومستقبل أفضل للأجيال القادمة.
في هذا الاطار ، لا يخفي دور المركز الاقليمي لدراسات التنمية المستدامة واستشراف المستقبل في تنظيم ندوات ومؤتمرات وورش عمل تتوافق مع رؤية مصر 2030 ، بل ان المؤتمر الأول للمركز بداية العام القادم بعنوان "قضايا المستقبل والتنمية المستدامة في الوطن العربي" يحقق الرؤية المصرية في التنمية المستدامة التي ترتكز على مفاهيم النمو الاحتوائي والمستدام والتنمية الإقليمية المتوازنة بما يؤكد مشاركة الجميع في عملية البناء والتنمية، ويضمن في الوقت ذاته استفادة كافة الأطراف من ثمار هذه التنمية ، مما يساهم في إحياء الدور التاريخي لمصر في الريادة الإقليمية. ويمثل خريطة الطريق التي تستهدف تعظيم الاستفادة من المقومات والمزايا التنافسية .
كما إن المركز سيعمل على عقد دورات للتدريب من أجل التوعية بخطط التنمية المستدامة وسبل التنفيذ وتوحيد الرؤى في الأجهوة الحكومية وبعضها وشركات القطاع الخاص ،والاستعانة في ذلك بالمتخصصين من الجهات الحكومية وعلى رأسها وزارة التخطيط والاصلاح الاداري والمعهد القومي للتخطيط الذي يشرف المركز بتوقيع مذكرة تفاهم مع وحدة الأنشطة العلمية التعاقدية بالمعهد لتقديم حزمة من البرامج التدريبية التي تساعد المركز على تحقيق هدفه، إضافة الى الاستفادة من الخبرات العربية أيضا من خلال توقيع المركز شراكة مع مؤسسة استشراف المستقبل للاستشارات في امارة ابو ظبي بدولة الامارات العربية المتحدة، وهي شركة متخصصة في مجال دراسات المستقبل والابداع والابتكار ، من أجل المساعدة في تقديم دورات تدريبية ودراسات في مجال استشراف المستقبل ، وتبادل الخبرات والتعاون ، ويشكل أيضا إضافة الي كوادر المركز، وبالشكل الذي يتوافق مع رؤية واستراتيجية المركز الاقليمي نحو المستقبل المستدام الذي نريد في مصر والدول العربية والإفريقية .
SDFS Center © (2018 - 2025) All Right Reserved