ا / محمود الجنايني
العضو المنتدب
المركز الإقليمي لدراسات التنمية المستدامة واستشراف المستقبل

2019-08-23


الحاجة إلي علوم إستشراف المستقبل

التغيير هو أحد الثوابت في حياتنا و نتيجة للتغيرات المتسارعة و أيضاً للمستجدات الكثيرة الطارئة التي نشهدها حولنا في كل الأصعدة بالعالم فنتج عن ذلك كله كثير من التساؤلات تدور حول ما هو مستقبل العالم خلال السنوات و القرون القادمة سواء علي المستوي السياسي أو الإقتصادي أو الإجتماعي أو العلمي خاصتاً و أن كثير من المفاهيم و المعتقدات الثابته لم يكن من الممكن الإقتراب منها أو مناقشتها و لكن تحطم ذلك كله علي صخور سرعة التغيرات الإجتماعية و السياسية و العلمية و غيرها خلال ثلاث قرون مضت و أصبح هاجس العالم كله هو التنبؤ هو السؤال المطروح سابقاً ما هو مستقبل العالم خلال السنوات و القرون القادمة؟ و قد كان هذا السؤال هو أحد أهم الأسئلة التي شغلت فكر الإنسان و كانت الإجابة علي هذا السؤال السبب في كل ما أحرزه الانسان من تقدم وتطور فقد كان الإنسان يرصد دائما الأحداث التي تدور حوله, ويعمل على إستشراف التغيرات المستقبلية الناجمة في معظم الأحيان عن أنشطته هو نفسه ليقوم بتحديد عدم اليقيين بالأحداث المتوقعة تهدده أو فرص يجب عليه أن يغتنمها . و يمكن تعريف استشراف المستقبل بأنه «عملية تبني المنهجيات والأساليب العلمية لمحاولة فهم التطورات من مخاطر و فرص و التي من المتوقع حدوثها في المستقبل، و العمل علي تقليل نسبة عدم اليقين بغرض الاستعداد والتخطيط الجيد لتلك التطورات لمدة تزيد على عشرين عاماً. و بذلك يضع إستشراف المستقبل أمام متخذ خطط كامله للمستقبل بناء علي منهجيات علمية . و يوجد فارق بين التخطيط الاستراتيجي و إستشراف المستقبل فالتخطيط الاستراتيحي قد يمتد الى خمس او عشرة سنوات، بينما إستشراف المستقبل يمتد الى 25 سنة او اكثر، عندما تتم عملية التخطيط الاستراتيجي، فإنه يتم التركيز على مجال معين لوضع الخطة له، كالمجال الاقتصادي، الامني او التعليمي أو غيره من المجالات ، بينما ليتم البدء بإستشراف المستقبل، يتطلب النظر الى جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها، وتفحص كل مجال على حده. فإن التخطيط الاستراتيجي لاحق لإستشراف المستقبل، فنجاح الخطة الاستراتيجية ستكون اكبر لو كانت مبنية على استشراف مستقبلي منهجي علمي. فوضع البدائل و السيناريوهات المتوقعة من خبراء إستشراف المستقبل هي ركائز أساساة لبناء خطط إستراتيجية و خطط تشغيلية . فإستشراف المستقبل لم يعد مجرد مصطلح يتم ترديده و لم يعد بالقطع هناك خلط بينه و بين "قراءة الطالع" أو "النظر في النجوم" إلى علم له أدواته المنهجية علي يد «هيرمان كاهان» الأب الروحي لهذا الفرع من العلوم، وقد وضع الإطار النظري له منذ الأربعينات في القرن الماضي، وارتبط عمله بالمجال العسكري ثم التحق بمؤسسة RAND، المؤسسة الأولى في العالم في مجال البحث العلمي وطرق استشراف المستقبل . لذلك كله سعت الدول و المؤسسات و خاصتاً التي تعاني من تحديات تنموية للإستفادة من علم إستشراف المستقبل، للمساهمة الفاعلة في وضع الحلول للمستقبل. و كذلك وضع خطط سيناريوهات لكل ما هو غير يقيني و يؤثر بالسلب أو الإيجاب علي المستقبل ، حيث لا تحتاج الدول و المؤسسات إلى الكثير من الوقت لاتخاذ القرارات الملائمة و التصرف على نحو فعال وقت حدوث تغييرات مفاجأه خارجة عن سيطرتها نظراً لضيق وقت إتخاذ القرار، حيث يختفي عنصر المفاجأة نتيجة التخطيط المسبق، بالإضافة إلى جودة ودقة القرارات التي يتم اتخاذها في ظل السيناريوهات و الخطط لتلك السيناريوهات . و كانت دولة الإمارات الشقيقة لها سبق وريادة حقيقية في هذا المجال و الاهتمام بهذا العلم وتمثل ذلك باستحداث وزارة خاصة لاستشراف المستقبل حيث يقول: (المستقبل لا ينتظر المترددين). و كانت أبعد من ذلك في أن وضعت مؤشرات للمؤسسات الحكومية بجوائز التميز خاصة بإستشراف المستقبل . و للتأكيد مرة أخري أن استشراف المستقبل ليس نوعاً من الرفاهية بل هو ضرورة ملحة لمصرنا الحبيبة لوقايتها من التهديدات الخارجية والداخلية وتحصينها للمستقبل و هذا ما نطمح فيه من متخذ القرار خلال الفترة القادمة خاصتاً في ظل تحديث رؤية مصر 2030 ومع ظهور نتائج علي أرض الواقع للمشروعات الوطنية التي تم البدء في تنفيذها الخمس سنوات الماضية. #تحيا_مصر #تحيا_مصر #تحيا_مصر محمود الجنايني الرئيس التنفيذي المركز الإقليمي لدراسات التنمية المستدامة وإستشراف المستقبل